سورة الصافات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{بَلْ عَجِبْتَ} قرأ حمزة، والكسائي: بضم التاء، وهي قراءة ابن مسعود، وابن عباس والعجب من الله عز وجل ليس كالتعجب من الآدميين، كما قال: {فيسخرون منهم سخر الله منهم} [التوبة- 79]، وقال عز وجل: {نسوا الله فنسيهم} [التوبة- 67]، فالعجب من الآدميين: إنكاره وتعظيمه، والعجب من الله تعالى قد يكون بمعنى الإنكار والذم، وقد يكون بمعنى الاستحسان والرضا كما جاء في الحديث: «عجب ربكم من شاب ليست له صبوة».
وجاء في الحديث: «عجب ربكم من سؤالكم وقنوطكم وسرعة إجابته إياكم» وسئل الجنيد عن هذه الآية، فقال: إن الله لا يعجب من شيء، ولكن الله وافق رسوله لما عجب رسوله فقال: {وإن تعجب فعجب قولهم} [الرعد- 5] أي: هو كما تقوله.
وقرأ الآخرون بفتح التاء على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم: أي: عجبت من تكذيبهم إياك، {وَيَسْخَرُونَ} من تعجبك.
قال قتادة: عجب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن حين أنزل وضلال بني آدم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يظن أن كل من يسمع القرآن يؤمن به، فلما سمع المشركون القرآن سخروا منه ولم يؤمنوا به، فعجب من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: {بل عجبت ويسخرون}.
{وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ} أي: إذا وعظوا بالقرآن لا يتعظون.
{وَإِذَا رَأَوْا آيَةً} قال ابن عباس ومقاتل: يعني انشقاق القمر {يَسْتَسْخِرُونَ} يسخرون ويستهزءون، وقيل: يستدعي بعضهم عن بعض السخرية.
{وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ} يعني سحر بين.


{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الأوَّلُونَ} أي: وآباؤنا الأولون.
{قُلْ نَعَمْ} تبعثون، {وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ} صاغرون، والدخور أشد الصغار.
{فَإِنَّمَا هِيَ} أي: قصة البعث أو القيامة، {زَجْرَةٌ} أي: صيحة، {وَاحِدَة} يعني: نفخة البعث، {فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} أحياء.
{وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ} أي: يوم الحساب ويوم الجزاء.
{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} يوم القضاء، وقيل: يوم الفصل بين المحسن والمسيء، {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ}.
{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي: أشركوا، اجمعوهم إلى الموقف للحساب والجزاء، {وَأَزْوَاجَهُم} أشباههم وأتباعهم وأمثالهم.
قال قتادة والكلبي: كل من عمل مثل عملهم، فأهل الخمر مع أهل الخمر، وأهل الزنا مع أهل الزنا.
وقال الضحاك ومقاتل: قرناءهم من الشياطين، كل كافر مع شيطانه في سلسلة. وقال الحسن: وأزواجهم المشركات.
{وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ من دُونِ الله} في الدنيا، يعني: الأوثان والطواغيت. وقال: مقاتل: يعني إبليس وجنوده، واحتج بقوله: {أن لا تعبدوا الشيطان} [يس- 60].
{فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} قال ابن عباس: دلوهم إلى طريق النار. وقال ابن كيسان: قدموهم. والعرب تسمي السابق هاديا.
{وَقِفُوهُمْ} احبسوهم، يقال: وقفته وقفا فوقف وقوفا.
قال المفسرون: لما سيقوا إلى النار حبسوا عند الصراط لأن السؤال عند الصراط، فقيل: {وقفوهم إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} قال ابن عباس: عن جميع أقوالهم وأفعالهم.
وروي عنه عن: لا إله إلا الله. وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن أربعة أشياء: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به».


{مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ} أي: لا تتناصرون، يقال لهم توبيخًا: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضًا، يقول لهم خزنة النار، هذا جواب لأبي جهل حين قال يوم بدر: {نحن جميع منتصر} [القمر- 44].
فقال الله تعالى: {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ} قال ابن عباس: خاضعون. وقال الحسن: منقادون، يقال: استسلم للشيء إذا انقاد له وخضع له، والمعنى: هم اليوم أذلاء منقادون لا حيلة لهم.
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أي: الرؤساء والأتباع {يتساءلون} يتخاصمون.
{قَالُوا} أي: الأتباع للرؤساء، {إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} أي: من قبل الدين فتضلوننا عنه وتروننا أن الدين ما تضلوننا به قاله الضحاك. وقال مجاهد: عن الصراط الحق، واليمين عبارة عن الدين والحق، كما أخبر الله تعالى عن إبليس: {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم} [الأعراف- 17] فمن أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين فلبس عليه الحق.
وقال بعضهم: كان الرؤساء يحلفون لهم أن ما يدعونهم إليه هو الحق، فمعنى قوله: {تأتوننا عن اليمين} أي: من ناحية الأيمان التي كنتم تحلفونها فوثقنا بها.
وقيل: {عن اليمين} أي: عن القوة والقدرة، كقوله: {لأخذنا منه باليمين} [الحاقة- 45]، والمفسرون على القول الأول.
{قَالُوا} يعني: الرؤساء للأتباع، {بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} لم تكونوا على الحق فنضلكم عنه، أي: إنما الكفر من قبلكم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8